كان
هذا الرجل يسير في الصحراء ، حيث يندر الماء ويقلّ الزرع ،
وبينما هو كذلك
إذ سمع صوتاً يقول : " اسق حديقة فلان بن فلان ! " ،
فتعجّب الرّجل لما
سمعه ، فالأرض خالية من البشرّ ، ثم أدرك أن الصوت صادرٌ من السحابة التي
تعلوه ،
فازداد عجباً وإصراراً على استكشاف السبب .
وانطلق
الرّجل خلف السحابة ليعرف مستقرّها ، حتى وقفت فوق أرض تكثر عليها الحجارة
السوداء ، يُقال عنها : " الحرّة " ،
ثم نزل المطر بغزارة ، وجرى الماء
حتى انتهى إلى حديقة ، وفيها فلاحٌ قائم ، يوزّع الماء ويوجّهه .
اتّجه
الرجل إلى الفلاح وسأله عن اسمه ، فكان ذات الاسم الذي سمعه في السحابة ،
وكان من الطبيعي أن
يستغرب صاحب الحديقة من السؤال فبادره قائلا : " يا
عبد الله ، لم تسألني عن اسمي ؟ " ، فقصّ عليه الرّجل
ما سمعه ورآه من شأن
السحابة ، ثم بيّن له عظيم شوقه لمعرفة سرّ التوفيق الإلهيّ والعناية
الرّبانيّة التي حظي بها .
وتأتي
الإجابة لتظهر الحقيقة وتكشف الغموض ، فالحال أن صاحب الحديقة كان ينظر
إلى حصاد مزرعته
فيقسمه ثلاثة أجزاء : جزء يتصدّق به على الفقراء
والمساكين ، وآخر يجعله قوتاً له ولعياله ، وثالث يردّه إلى الأرض .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( بينا رجل بفلاة من الأرض ، فسمع صوتاً في سحابة : اسق حديقة فلان ،
فتنحّى ذلك السحاب ، فأفرغ ماءه في حَرّة ، فإذا شَرجةٌ من تلك الشراج قد
استوعبت ذلك الماء كله ، فتتبّع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء
بمسحاته ، فقال له : يا عبد الله ، ما اسمك ؟ ، قال : فلان ، للاسم الذي
سمع في السحابة ، فقال له : يا عبد الله ، لم تسألني عن اسمي ؟ ، فقال :
إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه ، يقول : اسق حديقة فلان - لاسمك
- ، فما تصنع فيها ؟ ، قال : أما إذ قلت هذا ، فإني أنظر إلى ما يخرج منها
، فأتصدق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي ثلثاً ، وأرد فيها ثلثه ) رواه مسلم
يابن آدم أنفق أنفق عليك