فى قطرة الدم حياة كاملة، ملايين الكرات الحمراء، آلاف الكرات البيضاء،مئات الآلاف من الصفائح الدموية الهائمة، مواد تؤدى للتجلط، ومواد تُذيبالتجلط، يعرف كل منها دوره، تتجدد، تنشط، تخمد، وعند اللزوم تُفنى نفسها،وبعد ذلك كله، ورغم ذلك كله، يسألونك عن دليلك على وجود الله!فى قطرة الدم مواد لتوليد الطاقة، جلوكوز قابل للاحتراق، دهون بسيطةومركبة، وأحماض أمينية وبروتينيات، هرمونات تسيل وتتدفق، إنزيمات، أملاحلكل منها وظيفة محددة، حديد ونحاس وعناصر نادرة كلها بحساب. وبعد ذلك كله،ورغم ذلك كله، يسألونك عن دليلك على وجود الله!فى شفرة الدم جينومات تحتوى على شفرتك الوراثية، شريطين لولبيين ملتفينحول بعضهما البعض، يحتويان على تراث أجدادك من أبيك إلى آدم عليه السلام،كل صفاتهم الوراثية: طولهم، وزنهم، لون عيونهم، ملمس بشرتهم، أمراضهمالنفسية والعضوية، كتاب مغلق على ما فيه، أنت فى الحقيقة أجدادك كلهم، أنتكل الإنسانية. وبعد ذلك كله، ورغم ذلك كله، يسألونك عن دليلك على وجودالله!أنت لا تعرف عبقرية جسدك، وتلك السيمفونية الربانية الهائلة التى تتمكل لحظة داخلك، كى تظل حيا وتمارس نشاطك. لو عرفت لخجلت أن تكون كل هذهالعبقرية من أجل حياة عبيطة كالتى نعيشها. وكأنك تجبر بيتهوفن على العزففى مقهى بلدى، وتجعل بيكاسو يكتب اللافتات!خذ على سبيل المثال شيئاً بسيطاً جداً يحدث كل يوم: أنت تجوع فتأكل!!.طبعا أنت لا تعرف الميكانيزمات المعقدة التى تجعلك تشعر بالرغبة فى تناولالطعام. لن أحدثك عن معجزة الهضم وكيف يحدث، ولا الامتصاص وكيف يتم،سأحدثك فقط عن «عبقرية الأنسولين».بعد امتصاص الطعام يرتفع جلوكوز الدم، يساعد الجلوكوز الأنسولين الكامنداخل البنكرياس على الخروج، يلتحم بمنافذ معينة فى الجدار، ينساب لداخلالخلية. تبدأ رقصة كيميائية بديعة، ينساب الأنسولين على إثرها إلى مجرىالدم، يذهب إلى الخلايا البعيدة، حيث يقف الجلوكوز عاجزا عن دخول الخليةالتى تنتظره فى اشتياق.وهنا يحدث تبادل للأدوار، ويرد الأنسولين الجميل للجلوكوز، فيساعده علىدخول الخلية، يفعل ذلك بطريقة رشيقة جداً: يدق الأنسولين الباب مستأذناً.يلتحم بمستقبلات دقيقة فى جدار الخلية، تبدأ رقصة كيميائية أروع من كلرقصات الباليه. تتماوج على أنغامها جزيئات كامنة فى أعماق الخلية عندهاالقدرة على حمل الجلوكوز الواقف عند الباب. هذه الجزيئات تظل ساكنة حتىتأتيها إشارة الأنسولين، فتعرف أن الجلوكوز على الأبواب. وقتها فقط تتحركنحو جدار الخلية وتلتحم به، فينساب الجلوكوز من خلالها إلى الخليةالسعيدة، ثم تبدأ عمليات كيميائية معقدة لإنتاج الطاقة اللازمة للحياة.الآن يستطيع الجسد أن يمارس نشاطه الطبيعى: يتحرك، يتحدث، يتشاجر،يفكر، يطرح أسئلة. من جملة هذه الأسئلة - صدق أو لا تصدق: ما دليلك علىوجود الله
هذا المقال من موقع اخبارك
ويارب يكون نال اعجابكم