(الوافية لدينها)
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- أم المؤمنين زوجة وبنت عم الرسول صلى
الله عليه وسلم، كانت رضي الله عنها صادقة متمسكة بالإسلام وتعاليمه ولا تقدم على
ذلك أقرب الأقربين إليها فعن الزهري، قال: (لما قدم أبو سفيان المدينة) .
والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة، فكلمه في أن يزيد في الهدنة. فلم يقبل
عليه. فقام فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه
وسلم، طوته دونه.
فقال: يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله،
وأنت امرؤ نجس مشرك .
كانت تحت زوجها عبيد الله بن جحش وقد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة، وهناك تنصر زوجها
فوقفت وقفة المرأة المؤمنة بالله ورسوله وانفصلت عنه. ولقد وجدت رضي الله عنها من
الشدائد والأهوال في الحبشة، وخافت أن يبطش بها والدها أبو سفيان إذا رجعت من
الحبشة وهو من كبار رجال قريش وسيدها المطاع، وأمها سيدة قريش هند بنت عتبة، مات
زوجها على ردته النصرانية وازدادت الشدائد عليها فتركت أمرها إلى الله والله يحميها
ويرعاها.
ولما علم رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام: كتب إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه
إياها فأبلغها النجاشي ذلك ففرحت فرحا شديدا بهذه البشارة العظيمة. وأمهرها عنها،
أربعة آلاف درهم وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة. وتم عقد الزواج الذي قام بتولي
عقد النكاح عثمان بن عفان- رضي الله عنه-. وكانت أم حبيبة مع الوفد القادم، فبنى
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك سنة ست أو سبع هجري وكانت قد بلغت
الأربعين من عمرها.
ومن شدة تقواها رضي الله عنها أنها أرسلت إلى أمهات المؤمنين قبل وفاتها تستحلهم
مما قد يكون وقع بينهن من شحناء.
عن عوف بن الحارث: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون
بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك
كله وحلك من ذلك، فقالت: سررتني سرك وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت مثل ذلك .
توفيت بالمدينة سنة 42 هـ وقيل سنة 50 هـ- رضي الله- عن أم حبيبة وأرضاه.