اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامربن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بنلؤي القرشي التيمي .
كنيته :
أبو بكر
لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدتهاستقبلت به البيت ،فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك
ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلىالله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعمأنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق!
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاءبِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى اللهعليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمنبالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .
وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلىالله عليه وسلم صعدأُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنماعليك نبي وصديقوشهيدان .
وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه "لرأفته
مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتينوستة أشهر
صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنهأبيض نحيفاً ،خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .
فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كماحازها أبو بكر رضي الله عنه
• فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلىالله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواهالبخاري .
وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنتجالسا عند النبي صلىالله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتهفقال النبي صلىالله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثمندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إنعمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتىأشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلىالله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي –مرتين - فما أوذي بعدها.
فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلموصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقهفي الهجرة .
• وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِإِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْإِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف؟ لأن حزنه على رسولالله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبابكر الصديق رضي اللهعنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغارفقلت : يا رسولالله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .
ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخلقبله لينظر في الغارلئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلىالله عليه وسلم وحيناخلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .
ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهمفضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال :والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلىالغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليهوسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلبفأمشي خلفك ، ثمأذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعموالذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلكالليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .
• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كلهفي سبيل الله .
• وهو أول الخلفاء الراشدين
وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاةوالسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليهابالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .
واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ" خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "
• وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى اللهعليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لمامَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌيُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال: مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌأَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَىالقِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ -أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيهرسول الله صلى اللهعليه وسلم لديننا ؟!
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قاللي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتىاكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .
وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيءفأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبابكر . رواه البخاري ومسلم .
• وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام :اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواهالإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهوحديث صحيح .
• وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى اللهعليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى اللهعليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبلحجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليهوسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيتعريان .
وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليهوسلم يوم تبوك .
• وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم علىالنفقة
قال عمر بن الخطاب رضي اللهعنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلكمالاً فقلت : اليومأسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسولالله صلى اللهعليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيتلأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .
• ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليهوسلم
قال عمرو بن العاص لرسولالله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟قال : أبوها . رواه مسلم .
• ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلماتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبيسعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلىالله عليه وسلم الناس وقال : إن اللهخير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله .قال : فبكى أبوبكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليهوسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناسعليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجدباب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .
• ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُيَتَزَكَّى * وَمَالأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِرَبِّهِ الأَعْلَى* وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَالْمُهَاجِرِينَوَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُعَنْهُمْ وَرَضُواْعَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًاذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
• وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظرالله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي اللهعنه .
• ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام :من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل اللهدُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذاخير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهلالجهاد دُعي منباب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصياموباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منهاكلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ،وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .
• ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضيالله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليهوسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىءإلا دخل الجنة .
• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ماوصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكةواشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبلالحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبابكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريدأن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسبالمعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقريالضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ،فارتحل ابنالدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنةوآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصلوليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابنالدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثمبدا لأبي بكرفابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهميعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريشمن المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربهفي داره وإنهجاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأتهفإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليكذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكرفقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن تردإلي ذمتي فإنيلا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إنيأرد إليك جواركوأرضى بجوار الله . رواه البخاري .
• وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلتلأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أيالناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال :أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .
وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلىالله عليه وسلمحديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيرهاستحلفته ، فإذاحلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبدمؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا: ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .
• ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هوشأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق :أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمةبنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبيبكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعنجدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكروعمر ، فقال : ياسالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قالجعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعةمحمد صلى اللهعليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهومحمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلىأبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزينالعابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتكأمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لميُسمه صدِّيقا ،فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .
ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ،فذكروا أبا بكر وعمرفسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى اللهعليه وسلم ، وبمكانةصاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانتمنزلة أبي بكروعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منهالساعة .
قال بكر بن عبد الله المزنيرحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاةولا صيام ،ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِيوعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِيَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُالقُرْبى بِهاأَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّماالصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
• وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمةالشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضيالله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كمافي الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبدالله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلىالله عليه وسلموصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضيالله عنه وعنها
قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسولالله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد
أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلىالإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم ،وثباته يوم موت النبي صلى الله عليهوسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب فيالله ، وهم : بلال بنأبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجاريةبني المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حربالمرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، فيموقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضي الله عنه الذي عُرِفبالصلابة في الرأي والشدّة في ذاتالله
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :لما توفى النبي صلىالله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : ياأبا بكر كيفتقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاالله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر :والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوايؤدونها إلى رسولالله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرحالله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي اللهعنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل اللهمسيلمة الكذاب فيزمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبيصلى الله عليه وسلمأراد إنفاذه نحو الشام .
وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق
وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بنثابت أن يجمع القرآن
وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد، وقال : والله لاأشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمامأحمد وغيره .
وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسهحتى أخذ عليّ بن أبيطالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسولالله صلى اللهعليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِـمْ سيفك ولاتفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكونللإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .
وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرببالأنساب .
زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنهوما ترك درهما ولا دينارا
عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكررضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنةالتي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ،فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت به إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضي الله عنكيا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .
ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنهورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولىالخلافة خرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقومبه من أعباء الخلافة
قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج لهالخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبوبكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهليةوما أحسن الكهانةإلا أني خدعته ، فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواهالبخاري .
وفاته :
توفي في يوم الاثنين فيجمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابنثلاث وستين سنة .
فرضي الله عنه وأرضاه
وجمعنا به في دار كرامته